كيف تضع رؤية لحياتك؟
كيف تضع رؤية لحياتك؟ – لقد اعتدت الاعتقاد أن التفكير في وضع رؤية لحياتي هو أمر ساذج وغير عملي، فمن يفعل هذا؟! فهو أمر يبدو مرهف ومبالغ للغاية!
ولكن مع الوقت، وبعد أن بدأت بتغيير العديد من عاداتي ونمط حياتي وطريقة نظرتي للأمور، أدركت شيئاً هاماً؛ وهو أن غالبية البشر يبتعدون عن وضع رؤية لحياتهم لاعتقادهم بعدم جدوى ذلك، فلماذا نضع رؤية مليئة بالأمنيات التي من المستحيل تحقيقها!
ولكني لاحظت أيضاً شيئاً آخر على مدى السنوات الماضية، وهو أن أكثر الشخصيات التي قابلتها نجاحاً وكمالاً كانت تملك رؤية لحياتها، فكانوا يسيرون بخطى ثابتة نحو أهداف متتالية، ويتوقعون الخطوة المقبلة كما لو أنهم قد رأوا المستقبل!
ومن الناحية الأخرى، فالأشخاص الآخرين الذين قد قابلتهم وأعينهم مليئة باليأس وكأنهم يمضون أوقاتهم بالحياة بدون الاستمتاع بها ولا يجدون الحافز والأمل الذي يجعلهم يتطلعون للغد، قد وجدت شئ مشترك بينهم جميعاً، وهو عدم وجود رؤية لحياتهم، بل عدم وجود حتى أهداف طويلة الأجل، وكان هذا واضح لي بصورة مؤلمة عندما اجتمعت باصدقاء الجامعة بحفلة لم الشمل بعد سنوات عديدة من التخرج والانخراط بالحياة وسوق العمل.
وهنا يأتي السؤال؛ هل امتلاك رؤية لحياتك يجعلك أكثر قدرة لتغيير حياتك للأفضل، أم قدرتك على تغيير حياتك للأفضل تجعل وضع رؤية لحياتك هو شئ ممكن؟
والإجابة هي أن قدرتك على تغيير حياتك للأفضل، وامتلاكك رؤية لحياتك هما اليين و اليانغ لتعيش حياة رائعة! فكلاهما مترابط ويكمل الآخر بشكل لا يمكن فصله لتحقيق النجاح في الحياة.
أوجد الحافز لتغيير حياتك للأفضل، وستجد لديك القدرة لوضع رؤية لحياتك، أو ضع رؤية لحياتك لتجد أنك قد امتلكت الحافز لتغيير حياتك للأفضل، ابدأ باحدهما لتجد الآخر!
ما الفرق بين الرؤية والأهداف طويلة الأجل؟
الأهداف هي تجارب وانجازات فردية تسعى إلى تحقيقها، أما الرؤية فهي الصورة الأكبر؛ فرؤية حياتك هي من تُعَرِّف من أنت ومن تريد أن تكون في الحياة، وما تريد أن تُعرف به، بالإضافة إلى التجارب والإنجازات التي تسعى لتحقيقها.
فالرؤية تضع لك الإطار العملي الذي تستطيع من خلاله صياغة أهدافك في الحياة، وتقييم نجاحك في تحقيق تلك الأهداف.
فرؤيتك في الحياة هي الإجابة على سبب وجودك في هذه الحياة…
وبصورة عملية، يجب أن تجيب الرؤية التي تضعها لحياتك عن هذه الأسئلة…
- ما شكل الحياة التي تسعى لها في سن الـ 20، الـ 30، الـ 40، الـ 50 … وهكذا؟
- ما هي نوعية الأشخاص الذين تود أن يكونوا محيطين بك في هذه الحياة؟
- ما الذي تؤمن بقدرتك على تحقيقه في الحياة؟ فاذا امتلكت الظروف المثالية والحافز الكافي والموارد التي تريد، ما هو أعظم شئ تستطيع تحقيقه؟
- ما الذي تتمنى تغييره في هذا العالم؟ ما الذي إن استطعت تغييره في العالم سيكون مدعى فخر واعتزاز لك؟
- بعد وفاتك، ما الذي تود أن يتذكرك به الناس؟
في الحقيقة، فقط ابدأ بالاجابة على تلك الأسئلة، وستجد أن وضع رؤية لحياتك أصبح أمراً سهل!
كيف تضع رؤية لحياتك؟
في البداية، يجب أن تحدد ما هو المهم بالنسبة لك في هذه الحياة، وما الأشياء التي تمثل لك قيمة كبيرة، ويجب أن تتعمق كثيراً في التفكير في هذه النقطة؛ ما هو المعنى الحقيقي لهذه الحياة بالنسبة لك، والشكل والكيفية التي تريد عيش الحياة بها.
إجابتك على ما المهم في الحياة بالنسبة لك لن تكون إجابة مثالية أو كاملة، ولا مشكلة في ذلك، فهي ستكون مقصورة على الخبرات التي تملكها وقت التفكير في وضع تلك الرؤية، ولكن الفكرة تكمن في أن تبدأ، فبناء خيمة يبدأ بوضع عصى صغيرة في الأرض، ولاحقاً يمكنك تحديث رؤيتك والتعديل عليها بصورة مستمرة.
وبغض النظر عن إجابتك، فبالتأكيد ستجد أن هناك أشياء تود تحقيقها في هذه الحياة، وصورة تود أن تصبحها، ومن أجل الوصول لذلك هناك موارد ستكون بحاجة إلى امتلاكها لاعانتك على تحقيق هذه الانجازات.
بعد ذلك، يمكنك صنع قائمة خاصة بك لتقوم بتصنيف الأشياء التي تتمحور حولها رؤيتك، والتي تمثل أهمية لك، وهاهي التصنيفات التي أمتلكها بقائمتي الحالية:
- الصحة – التمارين الرياضية، الحمية الغذائية، الصحة الذهنية.
- القدرات – المهارات، العلم، المعرفة، الثقافة، والسمات الشخصية.
- العلاقات الشخصية – العمل على تنميتها وتعزيزها.
- الوقت – الاستفادة من الأوقات المتاحة بحكمة.
- الثروة.
- الخبرات المكتسبة.
- الإنجازات.
- القناعة – أن تكون سعيداً وراضياً بشخصك، وهو الهدف الأسمى على الإطلاق.
قائمتك قد تكون مختلفة عن تلك القائمة، بل من المفترض أن تكون مختلفة، فهي تعكس الشخص الذي تريد أن تكونه أنت، وكيف تريد استغلال وقت وجودك على هذا الكوكب وفي هذه الحياة.
والآن، وبعد تحديد التصنيفات الأساسية التي سترسم شكل رؤيتك، قم بكتابة ما تريد تحقيقه في كل تصنيف، فكر في كل شئ تود امتلاكه أو تجربته، وقم بالتفكير بصورة عكسية عن كيفية استخدام تلك التصنيفات لتحقيق رؤيتك في الحياة.
في النهاية، قم بكتابة بيان يحوي شكل الحياة المثالية التي تريد، أعلم أن هذا الأمر يبدو حالماً، ولكن فعلك هذا الأمر ستجد أنه يحوي تجربة ممتعة ومفيدة جداً لك، ومن المهم أن تختار الوقت والمكان المناسبين للوصول لأفضل النتائج.
بيان رؤيتك يجب أن يحوي شرح إجمالي للشكل المثالي للحياة التي تريد أن تعيشها، مع التركيز على الاشياء التي تهمك أكثر من غيرها، وتحديد الأهداف العليا لكلٍ منها.
ماذا بعد؟
إذا كان كل ما خرجت به من هذا المقال هو مجرد بيان مكتوب يحوي رؤيتك لحياتك، ستجد أن لهذا الأمر بالغ الأثر عليك، فتلك الرؤية التي كونتها لحياتك ستلتصق صورتها بعقلك، وستجد اختياراتك تقودك لتحقيقها بصورة لا إرادية.
ولكن إن كنت تريد زيادة فرصك في تحقيق تلك الرؤية وجعلها واقع ملموس، سيكون عليك بذل المزيد من الجهد.
حيث سيكون عليك بناء نظام لنفسك ولحياتك تقوم فيه بمراجعة رؤيتك وأهدافك بصورة دورية، وتحديث خططك التنفيذية لتحقيق هذه الأهداف.
وسيتحتم عليك جعل هذا النظام الذي ستقوم بانشائه أقرب لأن يكون عادة، شئ تفعله بغض النظر عن الظروف المحيطة، ولا تحتاج لأن تُذَكِّر نفسك به فأنت تفعله بشكل تلقائي، يمكنك البدء باستخدام برامج التذكير ووضع الخطط وتنظيم المهمات، واجعل هناك وقت لوضع خطط لتنظيم حياتك في روتينك اليومي أو الاسبوعي، أو حتى الشهري، استمر في ذلك إلى أن تصبح عادة.
مقال مترجم بتصرف للكاتب كوربت بار – المقال الأصلي – How to Create a Vision for your Life.