تنمية الذاتمهارات وظيفية

فن تحديد الأهداف: كيفية وضع أهداف قابلة للقياس وتحقيقها بنجاح

فن تحديد الأهداف هو مهارة وموهبة مهمة جدًا لكل فرد سواء في حياته العملية أو الحياة بوجهٍ عام، حيث إن التمكن من وضع أهدف مُحددة قابلة للتنفيذ، والتمكن من تحقيق تلك الأهداف بنجاح إنّما يُعد هو مفتاح النجاح الحقيقي وسر التفوق في أي مهنة أو عمل أو مجال أو مهمة خاصة أو عامة، فمَا هو فن تحديد الأهداف؟ وكيف يُمكن للفرد أن يتقنه؛ هذا ما سوف نتناوله بالحديث لاحقًا بالتفصيل.

فن تحديد الأهداف

إن فن تحديد الأهداف Goal Setting يُشير إلى تمتع الفرد بالقدرة على أن يقرأ المستقبل بدقة؛ ويعلم ما الذي سوف يُقَوِّم ذاته ونفسه في المستقبل ويجعله ذو شأن وحال أكثر نجاحًا عند امتلاكه أو تنفيذه، ومن ثم؛ يقوم بوضع آلية خاصة ومجموعة من الخطوات التي تُسمى (الأهداف الصغيرة) من أجل تحقيق هذه الرغبة التي قد تعلَّق به عقله وقلبه والتي تسمى (الهدف).

ومن المؤكد أن ليس جميع الأفراد قادرين على تحديد أهداف صحيحة لأنفسهم، وإن نجح البعض الآخر في وضع هدفه؛ فإنه قد يخفق في تحقيق هذا الهدف، ومن هنا؛ يبرز معنى فن ومهارة تحديد الأهداف الذي يُعني هنا احترافية الفرد في وضع أهداف واضحة خالية من الغموض أو التعقيد، واتباع خطوات جدية وسليمة في طريق تنفيذها خلال مدّة زمنية مُحددة والنجاح بالفعل في تحقيقها.

أهمية تحديد الأهداف

إن تحديد الأهداف يكون له تأثير إيجابي ملموس على جميع مجالات الحياة بوجهٍ عام؛ سواء كان تحديد هذه الأهداف على مستوى الفرد أو الجماعة أو على مستوى الدول بل والقارات بأكملها أيضًا، ومن أهم جوانب أهمية تحديد الأهداف، ما يلي:

الاتجاه نحو الأفضل دائمًا

من المؤكد أن أي فرد يضع لنفسه أهداف إيجابية دائمًا تساعده ليُصبح على حال أفضل، كما إن قيام الدول بوضع خطط عمل أو تنمية في أي مجال؛ يُعزز من سعيها تجاه تحقيق الأفضل لشعوبها، وبالتالي؛ فإن تسمية أهداف يُعزز من روح الإيجابية والطموح نحو الأفضل دائمًا.

العزم على تحقيق الهدف

إن وضع هدف مُحدد؛ يُعزز من الإرادة والعزيمة لدى أي فرد أو جماعة؛ ويعتبره تحديًا خاصًا مع ذاته، من أجل تحقيق هذا الهدف – وعلى سبيل المثال – فقد يضع الفرد خُطَّة خاصة لنفسه ليحصل على درجة علمية مُحددة خلال 5 سنوات مثلًا، أو تضع الدولة خطة خمسية أو عشرية لتنمية قطاع أو مجال مُحدد، وبناءً على هذا؛ فإن رؤية الهدف نصب أعين الفرد يجعله عازمًا على تحقيقه.

توسيع المدارك العقلية

إن الفرد لا يضع أهداف مُحددة في أي جانب من جوانب حياته دون شك إلا بعد أن يقوم بالبحث والاطّلاع والتفكير مليًا؛ ليضع أفضل فكرة أو هدف ممكن من وجهة نظره؛ وهذا يُساعده – ربما – دون أن يلحظ في تعزيز قدراته على التفكير بعمق وتحليل الأمور، ومن ثم؛ توسيع مداركه ورؤية صورة الأشياء والأمور بشكل أكثر شمولًا وبصورة أكبر.

السيطرة على المستقبل

لا يُمكن لفرد أن يمتلك مقاليد وزمام أموره؛ فهذا الأمر قد كفله الخالق عز وجل لعباده، ولكن قيام الفرد بربط حياته بأهداف إيجابية مُحددة؛ يجعل هذه الحياة ذات قيمة ومعنى؛ لا سميا إذا كانت بالفعل أهداف حقيقية إيجابية سوف تنقله إلى حل أفضل وتعزز من نجاحه في الحياة؛ فهو هنا مطمئنًا على مستقبله ومسيرة حياته نوعًا ما.

كيفية تحديد الأهداف وتحقيقها

حتى يتمكن الفرد من تحديد الأهداف والتمكن أيضًا من تحقيقها؛ فنبغي أن يحرص على اتباع النِّقَاط التالية:

وضع أهداف مُحفزة

القيام بوضع أهداف إيجابية تجعل الفرد موقنًا بأن تحقيقها – على سبيل المثال – سوف يبرز له أفضل نسخة من ذاته أو أنه سوف يكون ذو شأن ووضع أفضل كثيرًا عمّا هو عليه الآن؛ من أكثر المُحفزات والدوافع للعزم على تحقيق هذا الهدف.

تسمية أهداف حقيقية

لا ينبغي عند الرغبة في وضع الأهداف؛ أن يُطلق الفرد لأفكاره عَنان السماء بشكل مُبالغ به؛ لأن وضع أهداف صعبة أو تعجيزية يُعد أول طرقة من مِعوَل هدم هذا الهدف، ولقد أشار الخبراء أن الأهداف الصحيحة لا بُد أن تتصف بما يلي:

قابل للتحقيق

أن وضع هدف للنجاح في مجال أو مهنة مُحددة، أو الحصول على درجة علمية، أو اكتساب مهارة مُحددة أو تعلم لغة أو تنمية مجال مُحدد أو غيرها من الأهداف تُعد أهداف منطقية قابلة للتحقيق؛ لكن وضع أهداف خيالية لا تمت للواقع بصلة ما هو إلا مضيعة للوقت وأوهام لا فائدة منها.

هدف مُحدد

ينبغي أن يكون الهدف واضح ومُحدد وخالي من الغموض أو العمومية، فلا تقل – مثلًا – سوف أجمع مليون جنيه خلال عام واحد؛ فالهدف هنا عام جدًا وغير مُحدد؛ وإنما الهدف الصحيح؛ ينبغي أن يكون أكثر وضوحًا؛ بأن يكون في هذا المثال، سوف أعمل لمدة 10 ساعات يوميًا وسوف ألتحق بعمل إضافي لكي أجمع مليون جنيه خلال عام واحد، وهكذا.

مُغلف بالأرقام

الهدف القابل للقياس؛ يكون دائمًا مُغلف بالأرقام؛ حيث يُجب ـ على سبيل المثال ـ أن يكون مُحدد المدة وبتاريخ؛ لكي لا يتراخى الفرد أو يتكاسل عن تنفيذ خطوات تحقيق هذا الهدف، كما يجب أن يكون قادرًا على قياس مدى تقدمه في تحقيق هذا الهدف؛ ليتيقن من أنه يسير بخطى ثابتة تجاه تحقيق هذا الهدف.

تقسيم الهدف

ينبغي أيضًا تقسيم الهدف الكبير إلى خطوات أو أهداف صغيرة؛ وعلى سبيل المثال؛ فإن وضع هدف للحصول على درجة الدكتوراه من أمريكا؛ ينبغي أن يتم تقسيمه إلى أهداف صغيرة، مثل هدف خاص بإتقان اللغة الإنجليزية، وآخر خاص باجتياز اختبار القبول في كليات الطب الأمريكية MCAT، توفير القدرة المالية، استكمال أوراق الحصول على فيزا، البحث عن الجامعة المناسبة، وهكذا.

الارتباط والصلة

الارتباط يعني أن يكون هناك صلة بين الهدف وصاحبه؛ بمعنى أنه لا يُمكن لطالب متخصص في المسار الأدبي أن يكون هدفه هو الحصول على الدكتوراه في الهندسة، وألا يكون الهدف أن يصبح الفرد مديرًا لشركة أدوية في حين أنه متخصص في مجال إدارة المطاعم! وهكذا، بل إن طموح الفرد عند وضع أهدافه لا بد أن يُغَلِّفه نوعًا من الارتباط بين تخصصه ومهاراته قدر الإمكان.

في الختام، نكون فقد تعرفنا بوضوح على فن تحديد الأهداف، وكيف يُمكن وضع أهداف حقيقية منطقية وقابلة للقياس، وكيفية اتباع منهجية وآلية تحقيقها أيضًا بنجاح بالتفصيل.

يــاسميــــــن السيـــــد

كاتبة ومحررة بموقع كيك كارير، أحب القراءة وأعشق البحث العلمي، وأؤمن بأن التدوين وسيلة رائعة لتقديم محتوى مُميز يُثري درجة الوعي والمعرفة في الأوساط العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
);
error: هذا المحتوى محمي !!