شخصيات ملهمة

قصة نجاح والت ديزني وصناعة الإمبراطورية

قصة نجاح والت ديزني وصناعة الإمبراطورية | علاء الدين، قصة لعبة (الجزء الرابع)،Maleficent، الأسد الملك، وربما لم أكن متابع جيد لحصر عدد الانتاجات الكاملة التي قدمتها ديزني خلال الجزء المنصرم من السنة الجارية، لكنها على أي حال مازلت تحافظ على كونها الإمبراطورية الكبرى التي صنعها وأسسها والت ديزني، مؤسس الشركة وأحد أهم رجال صناعة الأفلام في التاريخ.

وسواءً كنت تتفق أو تختلف مع والت ديزني في مقولته أن “الضحك هو أهم صادرات أمريكا”، أو مقولته “أحببت ميكي ماوس أكثر من أي امرأة عرفتها في حياتي” ، فأنت بالتأكيد ستكون متشوق لمعرفة السيرة الذاتية لـ شخصية ملهمة بكل ما تحملها الكلمة من معاني. وهذا ما نقدمه في مقال اليوم.

قصة والت ديزني

ولد والتر إلياس، في بدايات ديسمبر من عام 1901، لأسرة متوسطة في مدينة شيكاغو الأمريكية، حيث كان أخً لثلاثة أشقاء أولاد وبنت واحدة، وهم أولاد لأب من أصول أيرلندية (كندي الجنسية) وأم ألمانية أمريكية، حيث بدأ والتر حياته مع أسرته في مدينة مارسيلين بولاية ميزوري، والتي شهدت بداية هوايته في الرسم والتلوين.

فكان يبيع الصور التي يرسمها لأصدقائه وجيرانه وأفراد العائلة، قبل أن ينتقل مع اسرته في 1911 أي بعد 10 سنوات من مولده إلى كنساس سيتي التي نشأ فيها حبه بالقطارات، وعمل في وظيفة صيفية لاحقاً بنفس المجال الذي كان يعمل به عمه كـ مهندس قطارات بالخط الذي يربط بين فورت ماديسون وآيوا مارسيلين، إلا أن ولتر كان يعمل كـ بائع وجبات خفيفة وجرائد.

ولم يقدم والتر نجاحات كبيرة على الصعيد الدراسي الفعلي، حيث تعلم فنون الرسم والتصوير في مدرسة ماكينلي الثانوية، وساهم في رسم فن الكاريكاتير بجريدة المدرسة، وفي الوقت ذاته كان يحضر الدروس بمعهد شيكاغو للفنون من مساء كل يوم.

وعندما بلغ 16 عاماً، قام والت بترك المدرسة من أجل الإنضمام إلى الجيش الأمريكي، لكنه رُفض وقتها بسبب سنه الذي لم يكن يتعدى الـ16 عاماً، فانضم لمؤسسة الصليب الأحمر وتم إرساله إلى فرنسا ليعمل هناك كقائد سيارة إسعاف لمدة عام.

الشركة الأولى – Laugh-O-Gram

بعد العودة من فرنسا عام 1919، تواجد والت ديزني في كنساس سيتي، من أجل العيش والعمل بها، حيث عُين في وظيفة رسام بإحدى الجرائد، قبل أن يقوم شقيقه روي إلياس، بتعينه في وظيفة بمعرض بيسمين-روبين للفنون، والتي تعرَّف من خلالها على أب أيوركس، الذي كان رسام كارتون، وأخذ والتر، للعمل معه في شركة (كنساس سيتي لدعايات الأفلام) والتي نُشر من خلالها أول إعلان تجاري متعلق بتقنيات الرسوم المتحركة.

في ذلك الوقت عمل والتر في أول تجربة له بالكاميرا والرسم بأوراق السيلولويد، وقرر بعدها أن يفتتح شركة خاصة به، ووظف فريد هارمان، الذي كان يعمل قبلها في كنساس لدعايات الافلام، كأول موظف له.

الثنائي عملا على شركة أُطلق عليها وقتها “لاف أو جرام – Laugh-O-Gram”، وكانت مختصة في صناعة أفلام الرسوم المتحركة القصيرة، وكان يتم عرض الأفلام المنتجة من الشركة في مسرح كنساس، بعد إتفاق أبرمه والتر وفريد هارمان مع الشركة.

وشهدت الأفلام إقبالاً كبيراً وشهرة واسعة، وأُطلق من بعدها الاستوديو الخاص بوالت ديزني والذي كان بنفس الأسم “لاف أو جرام” وتم تعيين عدد أكبر من الموظفين كان من بينهم هيو هارمان (شقيق فريد)، وتم بدء العمل على إنتاج عدداً من القصص الخيالية التي تجمع بين الرسوم المتحركة والواقع، من خلال ممثلين بشر وممثلين أخرين من الرسومات.

أول الإنتاجات كانت سلسلة أليس في كارتونلاند، والتي كانت مدة كل عرض منه 7 دقائق. وحقق نجاحاً واسعاً إلا أن عام 1923 شهد ضربة قاسمة لواتر الذي أعلن إفلاسه بعد أن تراكمت الديون على الاستوديو.

بداية الأخوين ديزني

بعد أن أعلن والتر ديزني إفلاسه بوقت قصير، نجح هو وشقيقه روي، في جمع أموالهم وانتقلا إلى هوليوود في ولاية كاليفورنيا، ومعهم أب أيوركس، ومن هناك بدأو العمل على إطلاق استوديو الإخوة ديزني، وتعاقدوا مع مارجريت وينكلز، وهي موزعة أفلام في نيويورك، وعملت على توزيع سلسلة أليس كارتونلاند التي أنتجوها سابقاً، وبعدها بفترة وجيزة ظهرت شخصية “الأرنب المحظوظ أوزوالد” ونجحوا في توقيع عقد لعرض أفلامهم القصيرة مقابل 1500 دولار لكل فيلم.

وفي 1925، قام والت بتعين ليليان بوندز، وهي فنانة تعمل بالحبر والألوان للعمل معه في استوديو الإخوة ديزني، قبل أن يتزوجها بعد مدة قصيرة من التعيين، لتشهد سرقة حقوق شخصية أوزوالد، من جانب مارجريت وتشارلز مينتز زوجها وباقي رسامين الشركة ما عدا أيوركس، بعد بضعة أعوام من ابتكارها.

والت وشقيقه وزوجاتهم وأيوركس، قاموا بالعمل على شخصية جديدة، تم من خلالها إصدار ثلاثة عروض رسوم كارتونية، حيث كانت تلك الشخصية هي ميكي ماوس، التي كان يُطلق عليها بدايةً “مورتيمر” والتي قام والت ديزني بنفسه بتطويرها، إلا أنها لم تلقى نجاحاً في أول عرضين بسبب افتقادها لتقنية الصوت، وفور أن كانت التقنية متاحة عاد والت وأصدر فيلم “ستيمبوت ويلي” ومثل فيه صوت ميكي ماوس بنفسه.

ولم يمضي وقت كثير قبل إطلاق والت سلسلة جديدة من أفلام الرسوم المتحركة تحت أسم Silly Symphonies، وكانت السلسلة الأولى التي يظهر فيها ميني ماوس حبيبة الفأر ميكي، وأصدقائه بطوط وبندق والكلب بلوتو.

وتتابعت النجاحات بعد ذلك، في سلسلة الأفلام التي أنتجها والت ديزني، خاصةً فيلم الزهور والأشجار، الذي حصد جائزة أوسكار، وكان الفيلم الأول الذي يُطلقه الاستوديو بالألوان، بجانب أفلام أخرى لقت نجاح كبير مثل فيلم الخنازير الثلاثة؛ الذي استخدمت أمريكا أغنيته “Who’s afraid of the big bad wolf” لمواجهة الكساد الكبير.

إطلاق الأفلام الطويلة

بعد ما حققته السلسة السابقة من نجاحات، قرر والت ديزني انتاج أول فيلم رسوم متحركة طويل ليُعرض في 21 ديسمبر 1937، وهو فيلم سنووايت والأقزام السبعة، بميزانية قُدرت وقتها بـ 1.5 مليون دولار، وكان هذا الرقم هائلاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الولايات المتحدة، إلا أنه نجح وحقق 8 جوائز أوسكار (واحدة كبيرة و7 صغار بحجم شخصيات الفيلم).

وبعد تلك الفترة وحتى خمس سنوات، أنتج الاستوديو عدداً كبيراً من الأفلام الطويلة المميزة، كان أبرزها بينوكيو، وفانتازيا، الذي تم إنتاجهما في نفس السنة.

الإخفاق ثم الإنطلاقة الكبرى

لم يستمر الأمر وردياً كثيراً، فرغم افتتاح فرع جديد لأستوديو ديزني في منطقة بربانك في ولاية كاليفورنيا، إلا أن الشركة تعرضت لإخفاق كبير امتد فترة في 1941، وبسببه قام عدد من الرسامين العاملين في الأستوديو بالإضراب والبعض الأخر استقال، واستمر الأمر عدة سنوات حتى عادت الشركة لوضعها الطبيعي منتصف الأربعينات.

وبعد أن قامت الشركة بإنتاج مجموعة من الأفلام القصيرة المُجمعة ليتم عرضها معاً، عاد والت لينتج مجموعة أفلام طويلة، حققت نجاحاً باهراً كما هي عليه اليوم، من بينهم سندريلا، أليس في بلاد العجائب، بيتر بان، النبيلة والشارد، 101 كلب، وغيرها من الإنتاجات التي وصلت إجمالاً بعد ذلك إلى ما يزيد عن 100 فيلم طويل.

بعدها قرر والت ديزني أن ينتج عروضاً تلفزيونية أبرزها زورو وديفي كروكيت، وعالم ألوان والت ديزني الرائع، ونادي ميكي ماوس؛ وهو ما سهل عليه الوصول إلى الأطفال دون الحاجة إلى قاعات العرض أو المسارح.

واستمرت الشركة في مواصلة نجاحاتها من خلال المزيد والمزيد من الانتاجات الفريدة من نوعها، والتي عشقها الأطفال وتطورت مع مرور الوقت ليُعجب بها عدد كبير من البالغين إلى يومنا هذا.

ديزني لاند – مدينة الملاهي الأهم في العالم

ظهرت مدينة الألعاب التي تملك عدداً كبيراً من الفروع في العالم اليوم، لأول مرة في عام 1955، وبالتحديد في اليوم السابع عشر من شهر يوليو بهذه السنة، في أنهايم بولاية كاليفورنيا، بتكلفة وصلت إلى 17 مليون دولار، وكان يترأسها رونالد ريغان وقتها.

وبالطبع كانت المدينة التي تحوي بداخلها شخصيات ديزني الشهيرة محط أنظار العالم، وبهذا الوقت كانت محط أنظار قاطني المدينة من عوائل وأطفال، والطريف أن يوم الافتتاح شهد توزيع كم كبير جداً من الدعوات المزيفة للدخول.

الإقبال الكبير على ديزني لاند جعل المدينة الأصلية ليست كافية لإستيعاب الزوار ونشر أسطورة والت في العالم، فتم توسيع عملها بالإنطلاق في مناطق مختلفة، من بينها باريس وطوكيو، وهونغ كونغ.

وفاة والت ديزني

يقطع أحداث عمل هذه الإمبراطورية الكبرى، تشخيص والت ديزني بسرطان الرئة في 1966، في الوقت الذي كان يخطط فيه لشيء جديد فيما يخص المدينة والذي كان عبارة عن حديقة ترفيهية عُرفت على المخططات باسم النموذج التجريبي لمجتمع الغد.

ولم يشهد والت ديزني المدينة التي كانت تحت الإنشاء، حيث توفي متأثراً بمرضه في 15 ديسمبر من نفس العام، وعمره 65 عاماً. حيث أُخذ جثمانه وحُرق ونُثر رماده في مقبرة فورست لون المتواجدة في ولاية لوس أنجلوس الأمريكية. أما المدينة فتم إفتتاحها بواسطة روي عام 1971 تحت اسم عالم والت ديزني.

ربما هذه المرة لم تكن الأسطر الأخيرة جيدة ولكنها على كل حال حُفرت في التاريخ؛ فوالت ديزني مثله مثل عدد من الشخصيات الملهمة التي تحدثنا عنها مسبقاً في Kick Carrer، بنى من حطام الإخفاقات جسراً أوصله للنجاح لأن الفشل لا يضرب إلا الضعفاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
);
error: هذا المحتوى محمي !!