شخصيات ملهمة

مارك زوكربيرج – مؤسس فيسبوك الذي فجر ثورة التواصل الإجتماعي

مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك – العالم الآن متصل بالإنترنت بصورة أكبر من أي يومًا مضى، ليس لكون الإنترنت أصبح جزءً رئيسيًا من البنية التحتية لكل الدول في العالم تقريبًا، بل لأن الإنترنت أصبح وسيلة اتصال حقيقية بين الأشخاص العاديين، ودون شك فإن الفضل الأول في هذا يعود إلى شبكات التواصل الإجتماعي التي بدأت تطورها الحقيقي منذ ما يقرب من 14 عامًا، وكان الفضل في ذلك عائدًا بالكامل لمنصة فيسبوك، المنصة الأولى التي خلقت حالة التواصل الحقيقي بين الأفراد العاديين في المجتمع عن طريق الإنترنت.

ورغم ذلك، فإن فيسبوك ليست هي أكثر الشركات المحبوبة في الوقت الحالي أو بالأحرى ليست أكثر الشركات التي لديها سمعة نظيفة تمامًا، ليست الشركة تحديدًا بل مؤسسها، الأمريكي مارك زوكربيرج، الذي رغم كل ما يُثار حوله لا يمكن أن نُنكر أنه شخصية ملهمة يجدر الحديث عنها في رحلة اليوم.

بدايات مارك زوكربيرج

ولد مارك زوكربيرج، في الرابع عشر من مايو/ آيار عام 1984 في مدينة وايت بلينز، التابعة لمقاطعة غرين، في مدينة نيويورك، ولكنه شَبَّ في قرية دوبس فيري، المجاورة لها. حيث كان أبنًا لعائلة يهودية حاصلة على تعليم جيد جدًا (أبوه هو إدوارد زوكربيرج وأمه هي كارين كيمبنر) تعود أصولهم لـ فنلندا، وهو ما ساعده على تطوير اهتمامه بـ برمجة الحاسوب في سن مبكر من حياته، كانت أول نتائجه هو إنشاء أول برنامج له في الثانية عشر من عمره.

عائلة زوكربيرج

برنامج مارك الأول كان برنامجًا مصممًا كـ نظام اتصال داخلي يخدم عمل والده كـ طبيب أسنان، وأُطلق عليه وقتها “Zucknet”، فكرة البرنامج كانت تقوم بإختصار على مساعدة والده الذي يقوم بإدارة عيادته من الطابق الأول في منزلهم في التواصل مع أفراد العائلة الآخرين، وهو برنامج شبيه بنظام الدردشة الفوري الذي نستخدمه نحن اليوم، إلا أن هذا كان مقتصرًا على أفراد العائلة فقط.

هذا البرنامج كان بداية لشيء لم يتوقف ابدًا بعده

راندي زوكربيرج (الأخت الأكبر لـ مارك)

لم يكن هذا كل ما فعله زوكربيرج، ففي المدرسة الثانوية كان قد قام ببرمجة شيء جديد يُدعى “Synapse Media Player”، وكان الهدف منه هو عد مرات الاستماع للموسيقى وترتيب الأغنيات والتوصية بموسيقى جديدة وذلك بإستخدام التعلم، وكان هذا التطبيق الذي يحمل اسم “Synapse Media Player” قد ظهر للعلن في عام 2000، وكان فكرة لاقت استحسان شركات كبرى مثل مايكروسوفت وشركة AOL، اللتان قامتا بالسعي لشراء التطبيق، الذي رفض زوكربيرج بيعه، ونشره عبر الإنترنت بشكل مجاني، من ثم وبعدها بقليل، تم تطوير برنامج مشابه باسم “Last.fm” وهو لا يزال متواجدًا إلى الآن وقائم بنفس الفكرة.

تعليم مارك زوكربيرج

النبوغ الذي ظهر على مارك زوكربيرج في فترة المراهقة والطفولة كان داعيًا كافيًا لكي ينقله والديه إلى أكاديمية Philips Exeter الإعدادية عقب إنهاء دراسته الثانوية في مدرسة Ardsley High School، قبل أن يتوجه مباشرةً للتعليم الجامعي في واحدة من أعرق جامعات العالم وأحد أهم الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية، جامعة هارفارد.

ولما تواجد مارك، في الجامعة لم يكن بحاجة لوقت طويل من أجل تحقيق سمعة قوية، وعُرف وقتها بـ “معجزة البرمجة” داخل الجامعة، وفي السنة الثانية له في الجامعة، كان قد أنشئ برنامجين فعلاً، أولهما كان “CourseMatch” الذي كان يقوم على فكرة مساعدة الطلاب في جامعة هارفارد على اختيار الدورات التدريبية التي يريدونها مع بداية كل فصل دراسي، بالإضافة إلى معرفة عدد الطلاب المسجلين في كل دورة تدريبية متواجدة على البرنامج مع قائمة كاملة بالأشخاص الذين سجلوا في نفس الدورة، وهو ما يسمح للطلاب بمعرفة الدورات التي اختار زملائهم الحصول عليها قبل الشروع في التقديم.

بعد ذلك، قرر مارك زوكربيرج إنشاء موقع بهدف “المرح فقط” كما يقول زميله الدراسي آري هاسيت، وكان الاختيار هو نوعية مواقع كانت منتشرة في تلك الفترة وهي مواقع تعرض صورتين وتسمح للمستخدمين بإختيار صورة منهم على أنها الأفضل في رأيهم، حيث كانت تعرف تلك المواقع بإسم Hot OR Not.

بالطبع كانت تلك الصور هي صور أشخاص، لكن زوكربيرج لم يقم بإستخدام صور أشخاص عادية مُجمعة من الإنترنت أو حتى صور أشخاص من المكتبة، مشروع FaceMash كان قائمًا بالكامل على صور الطلاب أنفسهم في جامعة هارفارد ولم يحصل زوكربيرج على تصريح بإستخدام تلك الصور، بل قام ببساطة بإختراق قاعدة بيانات الجامعة وحصل على صور الطلاب.

صورة لموقع FACEMASH

بداية فكرة فيسبوك

بعد اختراق قواعد الجامعة تسبب الإقبال الشديد على الموقع في عطلة نهاية الأسبوع في إيقاف أحد محولات الشبكة في جامعة هارفارد، وهو ما تسبب في عدم قدرة عدد كبير من الطلاب على الوصول إلى الإنترنت.

بعد ذلك بـ أربعة ساعات فقط، قدم عدد من الطلاب شكوى تُفيد بإستخدام صورهم في الموقع دون الحصول على إذن مسبق منهم، وهو ما دفع إدارة الجامعة بإيقاف الموقع وحذفه، وفي المقابل تم تحويل مارك زوكربيرج إلى التحقيق ومثل أمام مجلس إدارة الجامعة موجهاً له تهمة انتهاك قواعد الخصوصية للطلاب عبر الموقع، بالإضافة للعبث بأمن الكمبيوتر، وأجبر على الإعتذار علنًا عن كل تلك الأشياء.

أرقام المنصة FaceMach التي لم تستمر سوى بضعة أيام قبل أن تغلق، والتي قُدرت بـ 450 زيارة و 22 ألف مرة شُهدت فيها الصور، كان لها أثر لدى زوكربيرج الذي قرر الاستمرار في العمل على مثل هذه المواقع إلا أنه لم يُخرج موقعًا حتى عام 2003.

في تلك الفترة، كان الثلاثي ديفيا ناريندرا، وكاميرون وتايلر، وينكلفوس، لديهم إهتمام بما يقوم به مارك زوكربيرج من أعمال برمجية مميزة، وكان لديهم مشروع لإنشاء موقع عبارة عن شبكة تواصل إجتماعي لطلاب جامعة هارفارد، وهو ما دفعهم لعرض إنضمام مارك زوكربيرج للفريق، وأقنعوه بهذا فعلاً.

في ذلك الوقت (عام 2003) لم تكن جامعة هارفارد، تملك سوى موقعًا إلكترونيًا بسيطًا للطلاب القاطنين في سكن الحرم الجامعي، مع مجلة ورقية، وكان موقعها الرئيسي غير معد للتواصل بين الطلاب، حيث كان هذا المشروع بمثابة مشروع يهدف لمساعدة الطلاب المتواجدين في نفس الصف في الجامعة للتواصل مع بعضهم البعض.

وفي بداية عام 2004، وتحديدًا في شهر يناير/ كانون الثاني، وبعد ضخ استثمارات قدرها حوالي 2000 دولار، قام زوكربيرج مع الثلاثي ديفيا ناريندرا، وكاميرون وتايلر، وينكلفوس، بإطلاق موقع جديد يسمى بـ The Facebook، ظهر للجميع في جامعة هارافرد في 4 فبراير/ شباط.

التحول في فكرة فيسبوك

استمر فيسبوك في التوسع منذ أن نشأ بسبب فكرته المميزة، وكان مارك يُدير الموقع من غرفته في السكن الجامعي في هارفرد، حتى يونيو/ حزيران من نفس العام (2004)، من ثم ترك مقر السكن الجامعي ليعمل على مشروعه الذي تحول اسمه الآن ليكون Facebook الذي هو عليه اليوم، بدوام كامل، حيث كانت شعبية الموقع قد وصلت إلى مليون مستخدم في نهاية عام 2004.

الشعبية الخاصة بالموقع كان قد وصل دويها إلى وادي السيليكون وتحديدًا لشركات رأس المال الاستثماري هناك، وذلك في عام 2005، حيث تلقى الموقع أولى عروض الاستثمار من Accel Partners التي استثمرت ما وصل إلى 12 مليون و 700 ألف دولار في الموقع الذي كان مفتوحًا فقط للطلاب في رابطة الجامعات الثمانية (اللبلاب – Ivy League والتي تضم جامعة هارفارد وستانفورد وغيرها من الجامعات العريقة في الولايات المتحدة) خلال تلك الفترة.

مع نفس العام 2005، وتحديدًا في نهاياته، بات موقع فيسبوك مفتوحًا بشكل كامل لطلاب المدارس الثانوية والجامعات الاخرى، وهي خطوة قال عنها مؤسس فيسبوك أنها خطوة منطقية في التطور الخاص بالمنصة، ووصل بعدها عدد مستخدمي فيسبوك في تلك الفترة إلى 5.5 مليون مستخدم، وفي تلك الفترة تلقى فيسبوك بشاكلته التي كان عليها عدد كبير من عروض الاستحواذ من شركات من بينها مايكروسوفت وياهو، رغم العدد الكبير من القضايا التي كان يخوضها الموقع في ذلك الوقت.

وعلى الرغم من كون طلاب المدارس الثانوية بحاجة إلى دعوة من أجل الإنضمام لموقع فيسبوك في تلك الفترة، إلا أنه شهد تقدمًا كبيرًا في عدد المستخدمين، وذلك بعد أن بدأ الموقع إتاحة الاشتراك لجميع الموظفين في عدد من الشركات كانت من بينهم شركة آبل وشركة مايكروسوفت، ولكن التحول الحقيقي كان في 26 سبتمبر 2006، عندما أصبح نطاق فيسبوك يستقبل أي شخص بالغ من العمر ثلاثة عشر عامًا أو أكثر، للتسجيل شرط أن يكون لديهم بريد إلكتروني صحيح.

توسع فيسبوك

يبدوا وأن مارك زوكيربرج كان جائعًا أكثر للمزيد من التقدم التكنولوجي في مسيرة فيسبوك، وكان يسعى لمزيد من التقدم في الشركة، وعلى الرغم من المنافسة الشديدة مع تويتر، والتي تعد هي مركز المنافسة الأول للشركة، كان لدى مارك رؤية مختلفة للمنافسة دفعته لإتمام حوالي 80 عملية استحواذ منذ عام 2007 وحتى يومنا هذا، حيث كان تركيز زوكربيرج منصبًا أكثر على شركات ناشئة يرى فيها أنها واعدة.

إنستجرام – 9 أبريل 2012
هذا الاهتمام كان واضحًا بشكل كبير عندما قامت فيسبوك في عام 2012 بالاستحواذ على تطبيق انستجرام الذي كان وقتها أحد التطبيقات الواعدة، وحافظ زوكربيرج على وعد قد قطعه أثناء صفقة الاستحواذ بأن يستمر إنستجرام كـ منصة مستقلة، بل وحافظ ايضًا على وجود الثنائي المؤسس كيفن سيستروم ومايك كريجر في مناصبهم لتشغيل التطبيق الذي وصل الآن لأن يكون ضمن التطبيقات الخمس الأكثر استخدامًا في العالم.

وعلى الرغم من أنها لم تكن صفقة الاستحواذ الأولى حيث سبقها الاستحواذ على friendfeed (صفقة كلفت فيسبوك 50 مليون دولار) و face.com صفقة (كلفت فيسبوك 100 مليون دولار)، إلا أن انستجرام كانت أول صفقة يستحوذ عليها فيسبوك بقيمة مليار دولار كاملة.

شركة Oculus – عام 2014
ليس فقط تطبيقات التواصل الإجتماعي، فـ مارك زوكربيرج كان يعلم جيدًا مدى أهمية الألعاب في العالم الذي نعيشه الآن، وهو ما دفعه لدخول مجال المنافسة بالاستحواذ على شركة Oculus Rift التي تصنع نظارات الواقع الافتراضي الخاصة بالألعاب، في صفقة كلفت فيسبوك 2 مليار دولار كاملة.

واتساب – عام 2014
ومن بين هذا وذاك، كان يرى مارك زوكربيرج في تطبيقات التراسل سواءً تطبيق ماسنجر التابع للمنصة الرئيسية فيسبوك، أو حتى التطبيقات الأخرى، شيئًا سيقدر من خلاله على تحقيق مجد تقني جديد، ونتيجة هذا كان واتساب أكبر صفقة رابحة بالنسبة لمارك زوكربيرج وأغلى صفقة كذلك دفعت فيها فيسبوك أمولاً على الإطلاق، 22 مليار دولار، كانت السبب في تواجد واتساب ضمن قائمة شركات فيسبوك، لتسجل الشركة من خلال التطبيق أعلى نسبة استخدام يومي من بين كل التطبيقات الموجودة في العالم حاليًا.

وفي الواقع هناك الكثير من الأشياء الاخرى التي سعى لها مارك زوكربيرج ونجح في الاستحواذ عليها، وتوسيع قاعدة شركات فيسبوك، وهناك اشياء اخرى لم ينجح في الحصول عليها وأبرزها طبعًا تطبيق سناب شات، الذي نسخ كافة مميزاته في خاصية القصص Stories في باقي تطبيقاته، وهو دليل كبير على غضبه من عدم إتمام الصفقة. لكن مؤخرًا نجح مارك باسم فيسبوك في الحصول على صفقة استحواذ كانت شركتي آبل وجوجل تسعيان للحصول عليها وهي شركة رسم الخرائط المصورة السويدية الناشئة Mapillary.

معلومات و ثروة مارك زوكربيرج

دون الابتعاد كثيرًا عن فيسبوك، فالسبب الرئيسي لإختيار مارك زوكربيرج للون الأزرق كـ شعار لفيسبوك، هو أنه يعاني من عمى في اللونين الأخضر والأحمر.

وعلى الرغم من التقدم التقني الكبير، فإن نجاحات مارك زوكربيرج لم تأخذه كثيرًا عن حياته الشخصية، ففي عام 2011، فاجأ مارك زوكربيرج أصدقائه والمقربين منه خلال حفل تخرج صديقته بريسيلا تشان، من كلية الطب، والذي حضره 100 شخص بعد دعوتهم للمناسبة الأولى، وأعلن زواجهما بعد 9 سنوات من تعارفهم في جامعة هارفارد. ولم يكن هذا هو كل شيء في عام 2011 بالنسبة لزوكربيرج، فهو العام ذاته الذي قرر فيه أن يكون نباتيًا.

وبعد الزواج بأربعة سنوات، رزق زوكاربيرج وزوجته بريسيلا تشان ببنت أسموها ماكس، وفي نفس السنة أعلنا أنهما تبرعا بـ 99 في المئة من ثروتهم التي كانت تبلغ 45 مليار دولار، لصالح مؤسسة تشان زوكيربرج الخيرية التي تهتم بالأطفال، بهدف ضمان حياة أفضل لجميع الأطفال حول العالم. (ثروة مارك زوكربيرج في 2020 هي 107.7 مليار دولار).
مارك زوكربيرج تواجد ايضًا في السينما وكذلك في الكتب، حيث كان بطل لكتاب نشره بن مزريتش، الكاتب الأمريكي في عام 2009 بعنوان بليونير بالصدفة Accidental Billionaires من ثم تحول إلى فيلم سينمائي بعنوان شبكات التواصل The Social Network ورشح لعدد من جوائز الأوسكار وقتها.

مؤامرات حول مارك زوكربيرج

مثل معظم الشخصيات التقنية الآخرى، لم تبتعد نظريات المؤامرة المختلفة حول مارك زوكربيرج، أولها وآخرها وأهمها هو أنه فضائي!!! نعم مخلوق جاء من الفضاء بهدف تدمير كوكب الأرض وأشياء من هذا القبيل.

كان هذا الأمر مثارًا بشدة، عندما كان مارك زوكربيرج مضطرًا للتواجد أمام الكونجرس الأمريكي من أجل الإدلاء بشهادته فيما يخص الدور المحتمل لمنصة فيسبوك في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية في عام 2016، حيث شهد زوكربيرج من زوايا معينة، وهو يبدوا غريبًا جدًا، بعينين متسعتين ومنتفختين وخاليتين. وهو ما دفع البعض للقول أنه إما كائن فضائي أو روبوت.

هذا الأمر كان غريبًا فعلاً، إلا أن البعض فسر هذا المظهر غير المعتاد لزوكربيرج على أنه كان يرتدي عدسات لاصقة لسببًا ما لا أكثر.

الآن وبغض النظر عن كونه فضائي وبدون التعاطف معه بعد أن قرر التبرع بـ 99 في المئة من ثروته، وبتقييم عادل لما فعله زوكربيرج من خلال إنشاء المفهوم الأول لوسائل التواصل الإجتماعي الحديثة، هل ترى مارك زوكربيرج شخصية ملهمة فعلاً؟ تابع المزيد من مقالات شخصيات ملهمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
);
error: هذا المحتوى محمي !!