شخصيات ملهمة

ستيوارت باترفيلد – من طفل يعيش في كوخ ليصبح احد رواد وادي السليكون

ستيوارت باترفيلد رجل الأعمال الكندي هو تجسيد حي لقصص النجاح المُلهمة للكثير من الشباب اليوم، حيث لم يكن يتوقع أي إنسان أن هذا الشخص ذو الحياة الصعبة والبائسة سوف يكون خلال سنوات قليلة واحدًا من أهم وأكبر رجال الأعمال ورواد التكنولوجيا على مستوى العالم، بل ومؤسس موقعين من أكبر مواقع على الويب؛ وهما موقعيّ فليكر وسلاك، وفيما يلي من خلال موقع KickCareer سوف يتم سرد قصة نجاح ستيورات باترفيلد بالتفصيل.

نشأة ستيوارت باترفيلد

لقد وُلد ستيوارت باترفيلد Stewart Butterfield في الحادي والعشرين من شهر مارس لعام 1973م، وعاش مع والده في بداية حياته في كوخ صغير في كندا وتحديدًا في غابة كولومبيا البريطانية بعد أن هرب الوالد من الولايات المتحدة لكي لا يلتحق بالجيش في أثناء الحرب مع فيتنام.

ولم يكن في هذا الكوخ بطبيعة الحال مصدر للحصول على المياه الجارية النظيفة أو الكهرباء واستمروا على ذلك لمدة وصلت تقريبًا إلى 3 سنوات، ولكن نظرًا إلى عدم تحمل توافر أساسيات الحياة الآدمية عاد باترفيلد ووالده أدراجهم للعيش في أحضان المدينة مرة أخرى، ويُذكر أن ستيوارت باترفيلد كان منذ ولادته يحمل اسم دارما ولكنه قام بتغيير الاسم إلى ستيوارت عندما بلغ 12 عامًا.

وانتقلت العائلة بالفعل للعيش في مدينة فيكتوريا التي تعد أكبر مدن مقاطعة كولومبيا البريطانية بكندا، وفي غمار ذلك وحينما كان باترفيلد ابن سبع سنوات فقط، رأي جهاز حاسوب ولقد انجذب لطريقة استخدام الحاسوب وما به من برامج، ومن هنا قرر وهو في هذه السن الصغيرة تعلم البرمجة واحترافها.

باترفيلد وثورة الكمبيوتر

لقد كان باترفيلد منذ صغره مبهورًا ومولعًا بالثورة التكنولوجية الخاصة بأجهزة الحواسيب التي شهدتها فترة ثمانينات القرن الماضي، وعندما كان عمره 7 سنوات وتحديدًا في عام 1980م، تمكن من إقناع والده بشراء جهاز حاسوب له من فئة أجهزة حواسيب أبل، وقد كانت تلك هي الشرارة الأولى والخطوة الأولى التي خطاها باترفيلد في طريق تعلم واحتراف البرمجة، وكان مصدره الأول للحصول على هذا العلم في مجلات الحاسوب والبرمجة.

وتمكن باترفيلد من إتقان تطوير ألعاب الكمبيوتر، وعلى الرغم من ولعه بالحاسوب والتكنولوجيا وتعلم لغات البرمجة؛ إّلا أنه قد فقد الاهتمام بتعلم البرمجة عندما انشغل في الدراسة الثانوية التي انتهت بالتحاقه بدراسة علم الفلسفة في جامعة فيكتوريا، ولقد كان طالبًا متفوقًا، حيث إنه حصل على درجة الماجستير وكان قاب قوسين أو أدنى من العمل في مهنة التدريس الجامعي في عام 1997م

ولكن تخلى باترفيلد عن الحياة الأكاديمية وقرر أن يلتحق بمصاف أصدقائه العاملين في مجال البرمجة وتطوير مواقع الويب، حيث كان يرى أن راتبهم يفوق راتب المدرس الأكاديمي بثلاثة أضعاف تقريبًا، ومن هنا تم إحياء ولعه وحبه للعمل في مجال الحاسوب والبرمجة مرة أخرى.

رحلة نجاح باترفيلد مؤسس فليكر وسلاك

التحق باترفيلد للعمل بالفعل في مهنة مصمم مواقع الويب، وبعد مرور عدة سنوات على العمل بهذه المهنة، تمكن في عام 2002م من تطوير لُعْبَة إلكترونية باسم (جيم نفير إندنج) بالتعاون مع زوجته كاترينا فيك، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؛ حيث لم تلقَ هذه اللعبة أي نجاح على الإطلاق وكاد باترفيلد أن يُعلن إفلاسه، ولكنه ظل يبحث عن خُطَّة بديلة ومخرج من هذا المأزق إلى أن تمكن من الوصول إلى فكرة موقع (فليكر) الذي قد استغرق ما يقرب من 3 شهور كاملة من أجل التصميم فقط.

ولقد أعرب باترفيلد عن رؤيته لهذا المشروع بأن الجوالات المزودة بكاميرات تصوير كانت في طريقها إلى الانتشار وزاد معدل استخدام الإنترنت بوتيرة سريعة جدًا أيضًا في ذلك الوقت، ومن هنا قام باترفيلد بإطلاق موقع فليكر Flickr في عام 2004م وهو أول موقع ويب يسمح للمستخدمين برفع ومشاركة الصور عبر الإنترنت مع الآخرين، والإشارة إلى المستخدمين الآخرين في هذه الصور وتدوين التعليقات عليها أيضًا.

ولقد حقق هذا الموقع نجاحًا ساحقًا، الأمر الذي جعل شركة ياهو تُعرض شراء شركة وموقع فليكر مقابل 25 مليون دولار وتمت صفقة البيع بالفعل، ولكن انتاب باترفيلد بعد ذلك شعورًا بالندم لأنه وجد أن الانتظار والحفاظ على فليكر وتطويره؛ كان من الممكن أن يُدر عليه ربُحًا أكبر بل ربحًا خياليًا.

ومع مطلع عام 2009م؛ قدم باترفيلد بالاشتراك مع مجموعة من أصدقائه لتقديم منتجًا إلكترونيًا جديدًا وهو لعبة على الإنترنت، ولكن لم يكن حظ تلك اللعبة أوفر من سابقتها حيث وجدت هي الأخرى فشلًا ذريعًا.

ولكن يُولد النجاح في الكثير من الأحيان من رحم الفشل؛ فأثناء العمل على تطوير تلك اللعبة، صمم فريق العمل برنامج لتسهيل التواصل بينهم أثناء العمل، فكانت هذه هي فكرة لمشروع احترافي جديد من خلال نظام الاتصال هذا؛ حيث وجدوا أنه مفيد جداً للكثير من أصحاب الأعمال الذين هم في حاجة مثل هذا النظام في إتمام أعمالهم.

ومن هنا كانت اللبنة الأولى لإطلاق مشروع موقع ومنصة سلاك Slack شبكة تبادل الرسائل والدردشة الاحترافية الأشهر، والتي يرتادها اليوم ما يُعادل نحو 8 مليون مستخدم منهم 3 مليون مستخدم يعتمدون على اشتراكات مدفوعة للحصول على مميزات نظام الاتصالات كاملة عبر سلاك.

كما ان هناك عدد لا حصر له من الشركات بمختلف مجالات العمل أصبحت تعتمد على استخدام منصة سلاك Slack باعتبارها منصة تتيح للموظفين والمسؤولين وجميع العاملين التواصل معًا عبر الدردشة الفورية من أجل إتمام العمل.

وهناك العديد من الشركات المشهورة التي تعتمد على استخدام تطبيق سلاك مثل شركة سامسونج وشركة IBM الأمريكية، ومع انتشار استخدام التطبيق عالميًا، أصبحت القيمة التسويقية لشركة سلاك تعادل نحو 5.1 مليار دولار.

كم تبلغ ثروة ستيوارت باترفيلد

وفق أحدث الإحصائيات فإن قيمة ثروة رجل الأعمال ورائد التكنولوجيا ستيوارت باترفيلد البالغ من العمر الآن نحو 49 عامًا تم تقديرها وفق آخر إحصائيات عام 2022م لتكون بمقدار 1.9 مليار دولار أمريكي.

وعلى الرغم من وجود منافسين أقوياء لمنصة سلاك مثل المقدمة عبر شركة مايكروسوفت وحزمة أوفيس 365 بشكل مجاني؛ إلا أنه لا يُوجد أي نية لدى باترفيلد لترك شركة سلاك كما فعل سابقًا مع فليكر.

ولقد أعزى باترفيلد سبب نجاحه أنه يعود بشكل كبير إلى مدى المشقة التي واجهها في بداية حياته وعزمه على تغيير الواقع نحو الأفضل، ومن أهم النصائح التي يُقدمها إلى الآخرين هو محاولة العيش باعتدال دون إسراف في الإنفاق، فقال:

في الحقيقة أشعر بالذنب إن أنفقت الكثير من النقود

ستيوارت باترفيلد

بالتأكيد قصة نجاح ستيورات باترفيلد هي قصة مليئة بالدروس والعبر، وحين تتأمل بها تجد أن النجاح هو اختيار يتبعه عزيمة على تحقيقه مهما كانت العقبات والتحديات، فلما لا تصنع قصتك بدءاً من هذه اللحظة ولتفكر بما أنت بحاجة له لتستطيع النجاح في حياتك العملية، قم بهذا الاختيار وضع رؤيتك دائماً نصب أعينك لتكون هي خير حافز لك لتحقيق النجاح.

ياسمين السيد

كاتبة ومحررة بموقع كيك كارير، أحب القراءة وأعشق البحث العلمي، وأؤمن بأن التدوين وسيلة رائعة لتقديم محتوى مُميز يُثري درجة الوعي والمعرفة في الأوساط العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
);
error: هذا المحتوى محمي !!