كيف أشعر بأهمية عملي والمغزى منه
كيف أشعر بأهمية عملي والمغزى منه ؟ يُعد هذا السؤال من أشهر الأسئلة التي تتطرق إلى أذهاننا جميعًا بين الفينة والأخرى، وخصوصًا أن العالم بِرُمَّته أصبح يشهد تطورًا سريعًا على كافة الأصعدة؛ الأمر الذي أدى إلى تراجع درجة أهمية العديد من مجالات العمل والوظائف واستبدالها بأخرى، وهذا ما جعل الكثيرون متشككين إلى حد بعيد في مدى أهمية عملهم والمغزى من القيام به، ولكن كيف يطرد الفرد هذا الشعور من داخله في ضوء هذا التطور الهائل بسوق العمل؟؛ هذا ما سوف نحاول سويًا الوصول إلى إجابة شافية عنه عبر الأسطر التالية بموقع Kick Career
كيف أشعر بأهمية عملي والمغزى منه
لقد أكد الكثيرون من علماء النفس أن الشعور بدونية العمل وعدم أهميته في الحياة له بعد واقعي نتيجة التطور الهائل الذي يشهده سوق العمل في كافة المجالات وله بُعد نفسي أيضًا نابع من فكر واعتقاد الموظف حول وظيفته، ولذلك؛ فلكي يشعر الفرد بأهمية عمله؛ فلا بُد أن يُوجه إلى نفسه أولًا مجموعة من الأسئلة المهمة وأن يجب عليها بصدق، وهي تتمثل فيما يلي:
هل تحب عملك؟
هو سؤال أول ورئيس في طريق التثبت من مدى جدوى العمل؛ وعلى سبيل المثال؛ فإننا في عالمنا العربي يحكمنا عدة شروط ونقاط خارجة عن إرادتنا في اختيار طبيعة العمل والمهنة التي نمتهنها طيلة حياتنا إلاّ فيما ندر؛ وعلى سبيل المثال، نحن نجد المحاسب الذي كان يأمل في الالتحاق بعمل في القطاع الهندسي، والمدرس الذي كان يأمل في الالتحاق بالعمل في القطاع الطبي، وغيرهم.
ونظرًا إلى أن نيل الوظيفة التي يحلم بها الفرد أمر صعب المنال في معظم الأحيان؛ فإننا نجد عدد ليس بالقليل من الأشخاص ناقمًين على الوظيفة التي يعملون بها ويرون أنه لا فائدة منها؛ وخصوصًا عندما يقوم الفرد بـِ إجراء مقارنة في ذهنه بين وظيفة الأحلام التي كان يأمل بها وبين الوظيفة التي يشغلها.
ونظرًا إلى أن حب العمل والإيمان به وبأهميته وفائدته في المجتمع والرغبة في النجاح به من البداية هو مفتاح الشعور بمغزى وقيمة هذا العمل، فعلى كل فرد أن يحرص كل الحرص على أن يحب عمله قدر المستطاع.
هل تُقَدِّرْ مهنتك؟
ربما يكون شعور الموظف بدونية وظيفته وعدم جدواها نابعًا من نظْرَة الآخرين إليها، وعلى الرغم من نظرة المجتمع الدونية لبعض الوظائف إلا أننا نجد أن الكثير من أصحاب تلك الأعمال قد تمكنوا من أن يُثبتوا أهمية وفائدة وظائفهم بالمجتمع وأنه لا غنى عنها، نظرًا إلى أن الإيمان بأهمية هذا العمل كانت نابعة من قلوب وعقول أصحابها.
لأنه في واقع الأمر؛ لا يستقيم ألّا يُقدر الفرد عمله وينتظر من الآخرين اعطاؤه الدرجة التي ينتظرها من التقدير، وعلى هذا؛ فعلى الفرد أن ينظر إلى عمله بعين التقدير والاحترام مهما كان متواضعًا في نظر البعض؛ وبذلك سوف ينتقل هذا التقدير تباعًا وتلقائيًا إلى من حوله.
ويُذكر أنه لا يُوجد تعارض بين عدم حب العمل وتقديره؛ فعدم حب الوظيفة لسبب أو لآخر لا يُعد سببًا مشروعًا أو مُبررًا لعدم تقدير هذه الوظيفة؛ ولقد أشار بعض خبراء التوظيف ورجال الأعمال إلى قاعدة مهمة جدًا، وهي: (من حقك ألا تجد هواك في إتمام مهام عملك؛ ولكن إياك والتقليل من قدر هذا العمل).
وعلى سبيل المثال؛ عندما تم توجيه سؤال إلى عاملَين بناء عن عملهم؛ أجاب أحدهم بمدى بؤس وشقاء ودونية هذه المهنة؛ في حين أن العامل الآخر أجاب بذكاء منقطع النظير قائلًا:
أنا أكثر رجل محظوظ في العالم، فأنا ألعب دورًا في إنشاء تُحف معمارية مهمة. وأحول قطعًا بسيطة من الطوب إلى روائع هندسية
ومن الأمثلة الأخرى على ذلك؛ هو تعالى العديد من الأصوات بعدم جدوى وظيفة المترجم في عصرنا الحالي لوجود العديد من البرامج والتطبيقات الفورية القادرة على التَّرْجَمَةً؛ وهنا نجد بعض المترجمين المقتنعين بهذا القول به؛ لعدم وجود إدراك كافي من جابهم بمدى أهمية تلك المهنة وعلى هذا يفقد شغفه وحبه وشعوره بأهمية هذه المهنة.
في حين أن البعض الآخر من المترجمين مٌقتنعًا عميق الاقتناع بأنه من المحال أن تحل البرامج الرقمية محل العقل البشري القادر على الفهم أولًا والتحليل والتفسير ثم التَّرْجَمَةً بما يقتضيه العقل والمنطق، وهؤلاء بالطبع هم من يتمتعون بالشعور بأهمية وجدوى ومغزى عملهم.
هل تشعر بقيمتك في مكان العمل؟
ربّما يكون الشعور بعدم أهمية العمل نابعًا من عدم شعور الموظف بالقدر الكافي من التقدير المطلوب في عمله، فيشعر هَاهُنا بدونية هذا العمل، وعلى سبيل المثال؛ هناك بعض الشركات التي دائمًا ما تُثني على صنيع وأداء موظفيها وتصرف لهم المكافآت والحوافز وتهتم بالغ الاهتمام بالتقدير المادي والمعنوي.
ومن جهة أخرى؛ نجد بعض الشركات وخصوصًا المؤسسات العامة التي لا تُلقي بالًا في الكثير من الأحيان إلى تكريم أو تقدير الموظف الناجح سواء على الجانب المادي أو الجانب المعنوي؛ وهذا سبب كفيل بالطبع في أن تنتقل مشاعر عدم جدوى القيام بهذا العمل إلى نفس وعقل الموظف
ولمَّا كان التقدير وخصوصًا المعنوي هو مفتاح نجاح الفرد في حياته العملية؛ فعلي الموظف هنا أن يسعى جاهدًا إلى إتقان عمله لكي يلفت نظر مدرائه؛ وإذا لم يجد ما يرغب به، وزادت درجة نفوره وشعوره بعدم جدوى ما يقوم به من عمل؛ فعليه أن يُكافيء نفسه قدر المستطاع بتدوين ما يقوم به من إنجازات والتحدث عنها إلى الآخرين؛ أوأن يحاول في نهاية المطاف البحث عن بيئة عمل كفيله بإعطائه الشعور بأهمية ومغزى عمله.
هل تواجه تحديات العمل باستمرار؟
التطور الهائل الذي تشهده كافة مجالات العمل في وقنا هذا بالطبع تحمل قدر كبير من النِّقَاط الإيجابية التي لا يُمكننا التغاضي عنها بأي حال، وعلى كل موظف أو صاحب عمل أن يكون أكثر فطنة وذكاء في مواجهة تلك التحديات التي تواجه عمله ووظيفته بأن يحاول جاهدًا أن يُواكب هذا التطوير عبر ما يتوفر لديه من أدوات حديثة.
وعلى سبيل المثال؛ قد يرى صاحب مشروع التجارة في الملابس الجاهزة؛ تراجع الإقبال على الشراء عبر مقر العمل واتجاه نسبة كبيرة من الأفراد إلى الابتياع أون لاين؛ وهنا لا بُد من مواجهة هذا التحدي والوصول إلى جَمهور المستهلكين أون لاين بطريقة احترافية لمواجهة هذا التحدي؛ حتى وإن اضطر إلى الاستعانة بالمتخصصين لتوجيهه إلى الطريقة الصحيحة للوصول إلى هذه الفئة من المستهلكين في بداية الأمر، وهكذا.
هل أنت شخص نمطي أم متطور؟
الأمر هنا لا عِلاقة له بتحديات العصر؛ وإنما له عَلاقة بطبيعة شخصية الفرد ذاته؛ حيث إن بعض الأشخاص يميلون إلى النمطية وعدم الابتكار في تنفيذ مختلف الأعمال؛ بل إنه يكون مُقلدًا لزملائه أو سابقيه في العمل فحسب؛ وهذا بالطبع من أدعى أسباب الشعور بعدم أهمية ما يقوم به من عمل؛ لأنه لا يُضيف شيئًا جديدًا.
في حين أن الحل الأمثل لكي يشعر الموظف بأهمية ومغزى ما يقوم به من مهام العمل؛ هو محاولة الابتكار والتجديد وإتمام تلك المهمات بأسلوبه الخاص الذي لا يشبه أحد؛ وتلك هي الوصفة السحرية والأكثر فاعلية فيما قد خلص إليه خبراء العمل وعلماء النفس لكي يجد الفرد متعة في أداء عمله ويشعر أيضًا بأهميته.
هل تبحث عن القيمة الحقيقية للعمل؟
من المؤكد أن عدد ليس بالقليل من الأفراد يكون محط أنظارهم أولًا هو القيمة المادية التي سوف يحصلون عليها عبر العمل؛ ولكن إذا أردنا الحديث عن شعور الموظف أو صاحب العمل بمدى أهمية وجدوى عمله والمغزى منه؛ فهنا لا بُد أن نَهُم بالبحث عن القيمة الحقيقية لأي عمل نقوم به.
وعلى سبيل المثال؛ قد لا يكون العمل في مهنة التدريس مُربحًا إلى حد كبير؛ ولكن قيمته الحقيقة تكمن في رسالة العلم التي يحملها المعلم وينقلها إلى الأجيال ؛وهذا بالطبع من شأنه أن يغرس في نفس المدرس الأهمية العظيمة والمغزى العام من امتهان هذه المهنة؛ وبالمثل؛ فعلى كل موظف أو صاحب عمل أن يبحث على هذا المنوال عن القيمة الحقيقية لعمله.
هل تستغل عملك لتنمية مهاراتك؟
أي عمل مهما كان بسيطًا أو ذو قدر أقل من الأهمية في نظر صاحبه أو في نظر المجتمع؛ فمن المحال ألّا يُقدم إلى صاحبه قدرًا ما كبيرًا كان أو صغير من تنمية مهارة أو أكثر من المهارات الشخصية أو مهارات العمل؛ وبالتالي؛ فإن أفضل طريقة للشعور بجدوى ومغزى العمل هو الحرص على استغلال هذا العمل في تنمية مهارات الفرد.
ويروي أحد الموظفين قصته قائلًا:
“في بداية عملي كنت أشعر بأنني أقضي وقتًا مملًا لا فائدة منه ولا مغزى من القيام به، بل يوجد عدة وسائل وطرق أخرى يمكن استبدالي بها لتنفيذ تلك المهام، وفي أحد الأيام بينما أعبث بأوراق العمل كالعادة؛ اكتشفت قدرتي على إتقان مهارة لم ألق لها بالًا فيما سبق؛ فلقد تمكنت من ابتكار آلية إدارية تنظيمية جديدة ساعدني على الوصول إليها ما احمله من معرفة علمية دراسية إلى جانب الاحتكاك بالعمل أيضًا عن قرب، وعندما عرضت تلك الآلية الحديثة على مدرائي رحبوا بها واعتمدوها في مؤسسة العمل كُلََّها، وأصبحت المشرف الأول على تنفيذها، وعند التفكير في نظرتي لأهمية وظيفتي السابقة وجدت إنني إن كنت قد تركتها دون أن استثمرها في تنمية وتطوير مهاراتي؛ لما كنت قد توصلت إلى منصبي وعملي الحالي؛ وخلصت إلى حقيقة واحدة وهي أنه مُحال أن يوجد عمل لا مغزى منه ولا فائدة كما يظن الكثيرون”.
وبعد التطرق بالتفصيل إلى بعض الإجابات حول كيف أشعر بأهمية عملي والمغزى منه تُجدر الإشارة إلى أن الشعور بأهمية العمل هو نابع في المقام الأول من الفرد نفسه ونظرته إلى هذا العمل وحرصه على تطوير ذاته ومهاراته أيضًا مهام عمله، وخصوصًا أن الأمر ليس مقرونًا عادةً بدور التِقَانَة الحديثة في طمس أهمية بعض الوظائف؛ لأن مواكبة العصر والتطور القائم في سوق العمل هو أمر متاح وممكن لمختلف مجالات العمل والوظائف؛ ولكنه يتطلب فقط الذكاء والفطنة في مواجهة تحديات سوق العمل الحديثة.